بأنَّ البَعْثَ حَقٌّ، كما أنَّ الإنشاءَ حَقٌّ.
وقوله تعالى: {وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ}. قال عطاء (?): هذا ثَنَاءٌ مِن الله تعالى على الذين قالوا: {آمَنَّا بِهِ}، معناه: ما يَتَّعِظُ [بما] (?) في القُرْآن، إلّا ذَوُو العُقُول.
وقال الزَّجَّاج (?): هذا دليلٌ على أن الأمرَ الذي اشْتَبَهَ عليه من البَعْثِ، لمْ يَتَدَبَّرُوه، ومعناه: ما يَتَدَّبر القرآنَ، وما أتَى به الرسولُ - صلى الله عليه وسلم -، إلّا أوْلُوا الألباب. والأظهر في تفسير هذه الآية: قولُ عطاء: إنَّ هذا في اليهود، حين طلبوا تفسيرَ الحروف المُقَطَّعَة، والقولُ الذي حكاه الزجَّاج: إن هذه في منكري البعث.
ويقال: هل يجوز أن يكون في القرآن شيءٌ، لا يعلمه إلا الله؟ فيقال: اختلف الصحابة والناسُ في هذا:
فذهب الأكثرون: إلى أنَّ تَمَامَ الوَقْفِ على قوله: {إِلَّا اللَّهُ}، وأن جميع المتشابه لا يعلمه إلا الله؛ مثل: وقت قيام الساعة، وطلوع الشمس من المغرب، ونزول عيسى، وخروج الدجَّال.
وقال قومٌ: في القرآن أشياء لا يَعْرِف حقيقَتَها إلا الله؛ كالحروف المُقَطَّعة، وقوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [المائدة: 64]، وقوله: {خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75]، وقوله: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}، وأشباه هذا. والله تعالى مُخْتَصٌّ (?) مُستأثِرٌ بِعِلْم هذه، والإيمانُ بها حَقٌّ، وحقائقُ عُلُومِها