الإسماعيلية، وبثوا دعاتهم بأرض مصر، فاستجاب لهم خلق كثير من أهلها، ثم ملكوها عام (358)، وانتشرت مذاهب الرافضة في عامة الأقطار، قال المقريزي: "واشتهرت مذاهب الفرق من القدرية والجهمية والمعتزلة والكرَّامية والخوارج والروافض والقرامطة والباطنية حتى ملأت الأرض، وما منهم إلا من نظر في الفلسفة، وسلك من طرقها ما وقع عليه اختياره، فلم يبق مصر من الأمصار ولا قطر من الأقطار إلا وفيه طوائف كثيرة مما ذكرنا" (?).
هذا الواقع دعا أهل السنة وعلماء الملة -جرياً على سنة التدافع- للوقوف بقوة في وجه هذا المد البدعي الطاغي، ببيان الحق ورد الباطل ودفع الشبه، وفضح الفرق، وكشف عوارها (?)، وهذا كما لا يخفى له أثره الواضح في إثراء الحياة العلمية تأليفاً وتدريساً، وكشفاً للحال، وتتبعاً للحقائق.
مما كان سائداً في ذلك العصر: المناظراتُ التي كانت تعقد بين العلماء، يبين كل واحد منهم قوله، ويذكر دليله، ويفنِّد حجة خصمه، وقد