قال المفسرون: ما أنت بكاهن تبتدع القول وتخبر بما في غد من غير وحي. أي لست تقول ما تقوله (?) كهانة، ولا تنطق إلا بوحي. والكاهن الذي يوهم أنه يعلم الغيبَ بطريق خدمة الجن إياه وإخبارهم، والمجنون المارق الذي يغطي على عقله. وهذا جواب لكفار مكة حين قالوا: إنه كاهن ومجنون وشاعر، وقد علموا أنه ليس كما قالوا, ولكنهم قالوا ذلك على جهة الكذيب ليستريحوا إلى ذلك كما يستريح السفهاء إلى التكذيب على أعدائهم.
30 - قوله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ} أي بل أيقولون: {شَاعِرٌ} أي هو شاعر {نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ} ريب الدهر صروفه وحوادثه من قولهم: رابه الأمر ريبًا، أي نابه وأصابه (?). والمنون الدهر في قول الفراء (?)، والأصمعي، والكسائي، وأصله من المنّ بمعنى القطع، وذلك أنه يقطع الأعمال.
قال الفراء: المنون يذكر ويؤنث، فمن ذكره أراد به الدهر، ومن أنث أراد المنية. وقول الهذلي (?):
أَمِنَ الَمُنونِ وَرَيْبِهِ تَتَوَجَّعُ
روي بالوجهين.
وقال الكسائي: المنون واحد في اللفظ، وقد يذهب به مذهب الجماع وأنشد قول عدي: