ويجوز أن يكون المدعي: فالمقسمات بالأمر. أي بأمر الله تعالى أمروا بذلك أمرًا. وأما معني القَسْم بهذه الأشياء، إن قلنا إنه على إضمار الرب كما ذكره الزجاج فهو ظاهر، وإن قلنا إنه أقسم بهذه الأشياء، فوجه ذلك أنه إنما أقسم بالرياح لما فيها من عظيم العبر في هبوبها تارة وسكونها تارة، وما فيها من الحاجة في تنشئة السحاب وتذرية الطعام، واختلافها في العصوف واللين، فهي تقتضي مصرفًا لها، ومسكنًا، ومحركاً، وأقسم بالسحاب لما فيه من الآيات، وهو أنه ينبئ عن مُحَمل حمله الماء وأمسكه من غير عماد وأغاث بمطره العباد، وأحيا البلاد، وصرفه في وقت الغنى عنه بما لو دام لصار الناس إلى الهلال، ولو انقطع أصلاً لأضرّ بهم جميعًا، وأقسم بالسفن لما فيه من الدلائل بتسخير البحر لجريانها، وتقدير الريح لها بما لو زاد لغرق وما في هداية النفوس إلى صنعتها، وما في عظم النفع فيما ينتقل من بلد إلى بلد بها، وأقسم بالملائكة لما فيه من اللطيفة وعظم الفائدة وجلالة المنزلة بتقسيم الأمور بأمر ربها. وقد دل بهذه الأشياء على توحيده في قوله: {الْفُلْكَ تَجْرِي في الْبَحْرِ} الآية [البقرة: 164].
5 - ثم ذكر جواب القسم فقال: {إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ} قال ابن عباس: يزيد ما توعدون من أمر الساعة لحق. وهو قول كائن يقع بكم في الآخرة (?).
وقال مقاتل: إن الذي توعدون من أمر الساعة لحق. وهو قول مجاهد (?).