يعميه على السامع وذلك كالتعريض في الكلام، ويقال لمثل ذلك القول: ملاحن القول، وهذا كقولهم: والله ما رأيت زيداً برائب، أصبت ريبة لا روبة البصر، ويقال: لاحنت فلاناً، أي راطنته، وذلك أن تضع بينك وبينه كلاماً يفهمه عنك وتفهمه عنه، ولا يفهم غيركما, لأنكما قد عدلتما عن المعتاد من الكلام ومنه قول الطرماح:
وأَدَّتْ إليَّ القَولَ عَنْهنَّ زَوْلةٌ ... تُلاحِنُ أوْ تَرْنُو لقَوْلِ المُلاحِنِ (?)
أي: تتكلم بمعنى كلام لا يفطن له غيري، ومن هذا قوله تعالى: {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} أي في فحواه ومعناه، يعني: المنافقين، وذلك أنهم كانوا يخاطبون النبي -صلى الله عليه وسلم- بكلام تواضعوه بينهم والنبي -صلى الله عليه وسلم- يسمع ذلك ويأخذ بالظاهر المعتاد، فنبهه الله تعالى على ذلك، فكان بعد نزول هذه الآية يعرف المنافقين إذا سمع [كلام (?)]، فلحن القول ميلهم عن الظاهر.
وحكى سلمة (?) عن الفراء: يقال للرجل يعرض ولا يصرح: قد جعل كذا وكذا لحنا لحاجته، ويقال من هذا: لَحَنَ يلحن، فأما لَحِنَ يلحن فالمراد به (?) فَطِن وفهم.