المعنى: ذق هذا العذاب، إنك أنت القائل: أنا العزيز الكريم (?). وقال أبو علي الفارسي: المعنى: إنك أنت العزيز الكريم في زعمك وفيما تقوله، فأجري ذلك على حسب ما كان يذكره أو يُذْكَر به ومثله قوله: {أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} [القصص: 62] أين شركائي فيما تفترون وتدعون، وهذا كما روي أن زهرة اليمن (?) قال في جرير:
أَبْلِغْ كُلَيْبُا وأَبْلِغْ عَنْكَ شَاعِرهَا ... أَنَّي الأَعَزُّ وأَنِي زَهْرةُ الْيَمَنِ (?)
فأجابه جرير:
أَلَمْ تَكُنْ في وُسُومٍ قد وَسَمْتُ بها ... مَنْ حَانَ مَوْعِظَةً يا زَهْرةَ اليَمَنِ (?)
أي: زهرة اليمن فيما تقول، وكذلك أبو جهل كان يقول إنه أعز الوادي وأمنعهم. فعلى ما كان يقول جاء في التنزيل حكايته، ونحو هذا قال صاحب النظم قال: هذا على وجه المعارضة والتبكيت، ودلالة على أنه أخبر أنه قال في الخطاب أنا العزيز الكريم، وهو شبيه بقول الكفار: {يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ} [الحجر: 6] كأنه لما قال لهم أنزل عليَّ الذكرُ من الله عارضوه بهذا كالمستهزئين به، كذلك يستهزأ بأبي جهل ويوبخ بما زعم وادَّعى به، وليس كذلك.