يوجب أن يكون التقدير: فأهلكناهم، يعني الأولين، فحذف مفعول الإهلاك لدلالة الكلام عليه: {أَشَدَّ مِنْهُمْ} منتصب على الحال، وفيه تخويف لكفار مكة، والكناية في (منهم) تعود إلى المشركين الذين خاطبهم بقوله: (أفنضرب عنكم الذكر صفحًا)، كنى عنهم بعد أن خاطبهم (?).
قوله تعالى: {وَمَضَى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ} قال الكلبي: سنة الأولين ممن أهلك، وهو قول مجاهد (?).
قال مقاتل: يعني: سنة الأولين في العقوبة حين كذبوا رسلهم (?).
وقال قتادة: عقوبة الأولين (?).
وقال ابن عباس: يريد: وسبق ما أنزل الله في القرون الأولين قوم نوح وعاد وثمود (?)، وعلى هذا معنى الآية: وسبق ما أنزلنا في إهلاكهم، وهو مَثَلٌ ضربناه لهم، وتقدير الكلام: مثل الأولين لهم.
قال أهل المعاني (?): ومضى مثل الأولين لهؤلاء الباقين، أي: أنهم قد سلكوا في الكفر والتكذيب مسلك من كان قبلهم، فليحذروا أن ينزل بهم من الخزي ما نزل بهم، فقد ضربنا لهم مثلهم كما قال: {وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ} [الفرقان: 39]، وكقوله: {وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا