والبيتان أنشدهما جميع النحويين المذكورين، قد أعلنوا كلهم أن هذا من الاضطرار في الشعر، ولا يجوز مثله في كتاب الله) (?).
قال أبو علي: (التقدير في قوله: {اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ}: استكبروا في الأرض، {وَمَكْرَ السَّيِّئِ} أي: مكروا والمكر السيئ، فأضيف المصدر، إلى صفة المصدر ألا ترى أنه قد جاء بعد ولا يحيق المكر السيئ، وكما أن السيئ صفة للمصدر كذلك الذي قبله، ومثله قوله: {أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ} تقديره: مكروا المنكرات السيئات، إلا أنك إذا أضفت إلى السيئ قدرت الصفة وصفًا لشيء غير المكر، كما أن من قال: دار الآخرة، وجانب الغربي، قدره كذلك، يريد أن الأصل: الدار الآخرة، والجانب الغربي، فلما أضيف إلى صفته صار التقدير: دار الأحكام الآخرة، وجانب البلد الغربي، كذلك مكر السيئ يكون معناه: مكر الشرك السيء.
قال: فأما قراءة حمزة واستكانة (?) الهمزة في الاستدراج، فإن ذلك يكون على إجرائها في الوصل مجراها في الوقف، فهو مثل سببا (?) ويمهل، وهو في الشعر كثير.
ومما يقوي ذلك أن قومًا قالوا في الوقف: أقعى وأقعوا، فأبدلوا من الألف الواو والياء، ثم أجروها في الوصل مجراها في الوقف فقالوا: هذه أفعوا يا فتى، فكذلك عمل حمزة بالهمزة في هذا الموضع.