قال ربكم؟ قالوا: الحق، يعني الوحي (?). ونحو هذا قال مقاتل (?) سواء. وعلى هذا إنما يكون فزعهم من هول قيام الساعة. وهو اختيار الفراء، والزجاج (?). وعلى ما ذكرنا أولاً إنما فزعوا للوحي. هذا مذهب المفسرين في هذه الآية.
ويبقى إشكال في النظم، وهو أن قوله: {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} كيف يليق بما تقدم من الكلام، وأين الخبر عن فزعهم حتى يذكر زوال الفزع؟ قال صاحب النظم: لا يكاد يكون حتى إلا متصلة بخبر قبلها، ولم يتقدم هاهنا في الظاهر شيء تكون هي معطوفة عليه فهي في الظاهر منقطعة مما قبلها ومبتدأة، وهي في الباطن متصلة بمعنى متقدم مضمر، ومعنى فزع عن قلوبهم قد جاء في التفسير أخرج منها الفزع، فهذا دليل على أنه يصيبهم فزع شديد من شيء يحدث عليهم من أقدار الله -عز وجل-، ولم يقل الله حتى إذا فزع عن قلوبهم إلا وهم يفزعون. هذا كلامه. وشرح هذا أن حتى هاهنا منقطع في اللفظ عما قبله، وقد ذكرنا جواز هذا عند قوله: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ} (?)، وهو في المعنى متصل بمضمر دل عليه الظاهر، وذلك أن فزع معناه: أخرج الفزع، وإخراج الفزع يدل على حصوله وحدوثه، فكأنه قد ذكر فزعهم من الوحي أو من هول قيام الساعة على ما ذكر المفسرون حتى إذا أزيل ذلك الفزع قالوا: ماذا قال ربكم. ومعنى الآية: أن