واختار صاحب النظم في قوله: {الم} أن يكون قسمًا، وجعله واقعًا على قوله: {فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ} وجعل قوله: {أَحَسِبَ النَّاسُ} كلامًا معترضًا بين القَسَم وبين ما هو واقع عليه؛ قال: ودل على هذا دخول النون الثقيلة في قوله: {فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ} كما تقول: والله لأضربنَّ عمرًا.
فإن قيل: لِمَ دخلت الفاء في قوله: {فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ} قيل: إنه لما يجيء بالجواب لقوله: {الم} حتى قال: {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} صار كأن قوله: {فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ} معطوفًا عليه وجوابًا له فقد اشترك قوله: {الم} وقوله: {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} في قوله: {فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ} للعطف على معنى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا} وذلك أن الله تعالى لما قال: {أَحَسِبَ النَّاسُ} الآية، كان إنكارًا لحسبانهم أنهم لا يفتنون، وإذا كان إنكارًا ففيه دليل على أنه -عز وجل- أوجب أن يفتنهم؛ لأنه لا ينكر شيئًا إلا ويوجب ضده، ثم لما قال: {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} دل بهذا القول على هذا المعنى من إيجاب الفتنة، فيكون تأويله: لنفتنهم كما فتنا الذين من قبلهم، ثم صار قوله: {فَلَيَعْلَمَنَّ} معطوفًا على هذا التأويل.
وقال في قوله: {الَّذِينَ صَدَقُوا} ليس هذا من الصدق اللازم الذي تأويله: صَدَق في قوله، وهو من الصدق المتعدي الذي يقال عنه: صَدَقَنِي فلانٌ، أي: قال لي الصدق، وكَذَبَنِي؛ أي: قال لي الكذب. والمعنى