الثالث: أن (إنَّما) مُرَكَّبَة من (إنَّ) التي هي للإثبات، و (ما) التي هي للنفي، فاقتضت إِمَّا نفى الحكم عما بعدها، وإثباته لغيره وهو باطل إجماعًا، أو إثبات الحكم لما بعدها ونفيه عن غيره، وهو المطلوب.

واعترض على الأول بأنها وردت لغير الحصر فوجب أن تكون حقيقة فيه بعين ما ذكرتم.

وعلى الثَّاني بمنع أنها في غالب مواردها للحصر. سَلَّمناه لكن لا نُسَلِّمُ أنَّ ذلك يوجب أنها موضوعة للحصر لجواز غلبة الاستعمال في غير ما وضعت له.

وعلي الثالث: بأنَّا لا نُسَلِّمُ تركيبها من (إنَّ) و (ما) بل هي كلمة موضوعة من أصلها كذلك من غير تركيب.

سلمناه لكن لا نُسَلِّمُ أن "ما" فيها للنفي، إذ لها معاني غير ذلك فتخصيص النفي من بينها هاهنا تحكم.

سلمنا أنها النافية لكن لا نُسَلِّمُ أنَّ معنى مُفْرَدَيْهَا أعني "إنَّ" و "ما" بعد التركيب مَعْنَاهُمَا قَبلَهُ، لأنَّ التركيب يُغَيرُ معاني المفردات نحو "لولا" هي مُرَكَّبَةٌ من "لو" و "لا" وليس معناها معنى واحد منهما.

حجة القائلين بعدم الحصر من وجوه:

أحدها: أنها وردت لغير الحصر كثيرًا فلتكن حقيقة فيه كما سبق.

الثَّاني: أنا إذا قلنا: إنَّما قام زيد، حسن أن يقال: فهل قام عمرو؟ ولو كانت للحصر لما حسن هذا الاستفسار (أ)، لأنَّه استعلام المعلوم وتحصيل الحاصل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015