ثم تركها، "كتبها الله حسنة كاملة" فأكدها بكاملة، "وإن عملها كتبها الله سيئة واحدة" فأكَّد تقليلها بواحدة، ولم يؤكدها بكاملة. فلله الحمد والمنة سبحانه لا نحصي ثناء عليه، وبه التوفيق. انتهى كلامه.

قلت: حاصل هذا أن لفظ الحديث نطق معناه في إفادة فضل الله عز وجل وبِطَوْلهِ بتضعيف الحسنات وتكميلها والاعتناء بها، وإفراد السيئة وتقليلها، وبالجملة مسامحة الله عزَّ وجلَّ خلقه في المعاملة تضعيفا في الخير، وتخفيفا في الشر، ولذلك جاء في بعض الروايات الصحيحة "ولا يهلك على الله إلا هالك" (?) أي: لا يُعَاقَبُ مع هذه المسامحة إلا مفرط غاية التفريط.

واعلم أن قوله في أول الحديث: عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن ربه يقتضي أنه من الأحاديث الإلاهية المنسوبة إلى كلام الله عزَّ وجلَّ نحو "أنا عند ظن عبدي بي" (?) وليس المراد ذلك، إنما المراد فيما يحكيه عن فضل ربه، أو حكم ربه، أو نحو ذلك. والله عزَّ وجلَّ أعلم بالصواب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015