كلام صحيح، غير أنا نستثني من ذلك النطق فإنه علم مفيد لا محذور فيه، إنما المحذور في غيره من علومهم، ولأنه نحو المعاني، كما أن النحو منطق الألفاظ، ولأن بعض فضلاء الأصوليين صَرَّحَ، وبعضهم عَرَّضَ بأن المنطق علم شرعي، وهو كالعربية في أنه من مواد أصول الفقه لأن الأحكام الشرعية لا بد من تصورها والتصديق بها إثباتا أو نفيا، والعلم المرصد لبيان أحكام التصور والتصديق هو المنطق، فوجب أن يكون علما شرعيا، إذ المراد بالعلم الشرعي ما صدر عن الشرع، أو توقف عليه العلم الصادر عن الشرع توقف وجود كعلم الكلام، أو توقف كمال كعلم العربية (أ) والمنطق.

واعلم أني قررت هذا البحث مع علمي بأن أكثر الفقهاء يكرهونه لما تقرر عندهم من النفرة عن المنطق، ومع أني -علم الله- لا أعرف المنطق، وإنما هو شيء قاد إليه الدليل، ثم إن لهم فيه سلفا فاضلا كالغزالي والرازي وأبي الحسين البصري والسيف الآمدي وابن الحاحب وشراح كتابه من بعده كل هؤلاء عارفون بالمنطق فلا وجه لنفرتهم عنه وإنكارهم له (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015