هذا الباب ما لم يتضمن رأي بعضها كفرا أو فسقا بواحا.

وما ذاك إلا كاثنين اختلفا في جهة القبلة فصلى كل منهما إلى جهة، فكل منهما يعتقد خطأ صاحبه، ومجرم عليه الائتمام به، وهما معذوران مأجوران، ولاَ تحْسَبَنَّ هذا قياسا فاسدا، إذ هو قياس أصل على فرع، وقطعي على اجتهادي، إذ قد بيّنا قَبْلُ أن أكثر العقائد المختلف فيها بين الأمة احتهادي أو يلحق (أ) بالاجتهادي.

واعلم أن كل متباغضين فإما أن يبغض كل منهما الآخر في الله عز وجل، أو يبغض أحدهما صاحبه في (ب) الله والآخر يبغضه في غير (جـ) الله عزَّ وجلَّ، وبكل حال فالمبغض في الله عزَّ وجلَّ مثاب، والمبغض لغير (د) الله معاقب لفعله المحرم.

البحث الرابع: "لا تدابروا" أي: لا يدبر بعضكم عن بعض، أي: يعرض عنه بما يجب عليه من حقوق الإسلام من الإعانة والنصرة ونحوهما، ولا ملازمة بين التباغض والتدابر لأن الشخص قد يبغض صاحبه عادة، ويقبل عليه بتوفية حقوق الإسلام عبادة، وقد يعرض عنه وهو يحبه خشية تهمة، أو تأديبًا له ونحو ذلك، وفي نحو هذا قيل: لَا يَكْتُمُ الحُبَّ إلا خَشْيَةُ التُّهَمِ.

وقوله: "ولا تدابروا" أصله تتدابروا بتاءين حذفت إحداهما تخفيفا،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015