الموضع الثالث: أن الحديث اللين، أو الضعيف من جهة الضبط قد يقوى بالشواهد المنفصلة حتى يبلغ درحة ما يجب العمل به، كالمجهول من الناس إذا وجد مزكيا صار عدلا تقبل شهادته وروايته، ثم الشاهد قد يكون كتابًا مثل أن يضعف الحديث لكن يوافقه ظاهر آية، أو عموم، فيقوى بها ويتعاضدان على صيرورتهما دليلا، وقد يكون سنة إما عن راوي الحديث نفسه، أو عن غيره، وقد قيل في المثل:
لَا تُخَاصِمْ بِوَاحِدٍ أَهْلَ بَيْتٍ ... فَضَعِيفَانِ يَغْلِبَانِ قَوِيَّا
وقال الآخر:
إِنَّ القِدَاحَ إذَا اجتَمَعْنَ فَرَاَمَها ... بِالكسْرِ ذُو حَنَقٍ وبَطْشٍ أَيِّدِ
عَزّتْ فلم تُكْسَرْ، وَإِنْ هِيَ بُدِّدَتْ ... فَالكَسْرُ والتَّوْهِيْنُ لِلْمُتَبَدِّدِ (?)
قلت: فكذلك الأسانيد اللينة إذا اجتمعت حصل منها إسناد قوي، كما قال الشافعي - رضي الله عنه - في قلتين نجستين (أ) ضمت (ب) إحداهما إلى الأخرى صارتا طاهرتين، وله نظائر (جـ)، فإذًا هذا الحديث ثابت يجب العمل بموجبه.
وأما لفظه فالضرر مصدر ضَرَّة يَضرُّة ضُرًّا وضَرَرًا، والضرار مصدر ضارَّهُ يُضَارُّهُ ضِرارًا. وفي التنزيل {وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا} [سورة