عن أبي العباس سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله دلني على عمل إذا عملته أحبني الله وأحبني الناس فقال: "ازهد في الدنيا يحبك الله وازهد فيما عند الناس يحبك الناس" حديث حسن رواه ابن ماجه وغيره بأسانيد حسنة (?).
أمَّا أن الزهد في الدنيا سبب لمحبة الله عزَّ وجلَّ فلأن الله عزَّ وجلَّ يحب من أطاعه، ويبغض من عصاه، وطاعة الله عزَّ وجلَّ مع محبة الدنيا مما لا يجتمع، عرف ذلك بالنصوص والنظر والتجربة والطبع والتواتر، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: "حب الدنيا رأس كل خطيئة" (?) والله عزَّ وجلَّ لا يحب الخطايا ولا أهلها، ولأن الدنيا لهو ولعب والله عزَّ وجلَّ لا يحب اللهو ولا اللعب، ولأن القلب بيت الرب عزَّ وجلَّ، والله عزَّ وجلَّ لا شريك له، ولا يحب أن يشركه (أ) في بيته حب الدنيا ولا غيره.
وبالجملة فنحن نعلم قطعا أن محب الدنيا مبغوض عند الله عزَّ وجلَّ، فالزاهد فيها الراغب عنها محبوب له عزَّ وجلَّ، ومحبة الدنيا المكروهة هي إيثارها لقضاء شهوات النفس وأوطارها لأن ذلك يَشغل عن الله عزَّ وجلَّ،