وها هو (أ) لم يعلمه؟

فالجواب من وجهين:

أحدهما: أن ظاهر الحلال والحرام في المعاملات الظاهرة بين الناس، لا في معاملة العبد مع ربه، فلا يرد السؤال.

الوجه الثاني: إنما صار أعلمهم بالحلال والحرام بعد هذا بمثل هذا السؤال وأمثاله من طريق التعلم والاستفادة.

قوله: "ثكلتك أمك" حقيقته الدعاء بموته، وليس المراد ذلك، إنما غلب في ألسنتهم للتحريض على الشيء والتهييج إليه، أو لاستقصار المخاطب عن أمر، ونحو ذلك بحسب الحال وقرائنه، وكذلك تَرِبَتْ يَدَاكَ، وعَقْرَى حَلْقَى، ولا أُمَّ لَكَ ولا أبَا لَكَ، ولا دَرَّ دَرُّكَ، وأشباه ذلك.

قوله: "وهل يكب الناس" هو بضم الكاف أي: يلقيهم "في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم" جمع حصيدة بمعنى محصودة، شبه ما تكسبه الألسنة (ب) من الكلام الحرام بحصائد الزرع بجامع الكسب والجمع.

قوله: "وهل يكب الناس" استفهام إنكار أي: ما يكب الناس إلا حصائد ألسنتهم، وهو يقتضي أن كل من يكب في النار فسبب ذلك لسانه، وهو عام أريد به الخاص، فإن في الناس من يكب في النار بكلامه، وبعضهم بعمله، وإنما خرج هذا مخرج المبالغة في تعظيم الكلام كقوله:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015