النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "يا وابصة تحدثني ما جئت فيه، أو أحدثك؟ " فقال: بل أنت حدثني يا رسول الله فهو أحب إليَّ، فقال: "جئت تسأل عن البر والإثم" قال: نعم.

قوله: "استفت قلبك" إلى آخره هو راجع إلى ما سبق من شعور النفس والقلب بما يحمد أو يذم.

وقوله: "البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن له القلب" هو كقوله أولًا: "البر حسن الخلق" لأن حسن الخلق تطمئن إليه (أ) النفس والقلب.

وقوله: "الإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر" هو شبيه بقوله: "الإثم ما كرهت أن يطلع عليه الناس" لأن ما تردد في الصدر فهو إثم أو محل شبهة ولا بد، وذلك مما يكره اطلاع الناس عليه.

قوله: "وإن أفتاك الناس وأفتوك" أي: قد أعطيتك علامة الإثم فاعتبرها في اجتنابه، ولا تقلد من أفتاك في مقاربته.

واعلم أن بين هذا، وبين حديث "الحلال بين" ضرب من التعارض لأن قوله ها هنا: "الإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر" يقتضي أن الأمور المشتبهة إثم لأنها تحيك في النفس وَتَرَدَّدُ في الصدر، وقوله هناك: "فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه" يقتضي أنها ليست إثما وإنما شرع اجتنابها ورعًا كما مَرَّ، فقد اجتمع فيها ما يدل على أنها إثم، وأنها ليست بإثم، وهو عين التعارض.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015