هذا الحديث يقتضي أن الخطرات والهمم الضعيفة بالمعاصي إثم، لكن خصصنا عمومه بها لقوله عليه الصلاة والسلام "إن الله تجاوز لأمتي" الحديث جمعا بين الحديثين.
وحينئذ نقول: في كل عزم على معصية بدنية هذا العزم يحيك في النفس ويكره أن يطلع عليه الناس، وكلما كان كذلك فهو إثم، فهذا العزم إثم، ومما يشهد لما ذكرناه قوله عليه الصلاة والسلام: "إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار" قيل: هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: "إنه كان حريصًا على قتل صاحبه" (?) فَعَلَّل دخولَه النار بحرصه على قتل صاحبه، وهو عزم مجرد ترتب عليه العقاب فدل على أنه معصية.
فإن قيل: هذا الحرص قد اقترن به العمل، وهو لقاؤه خصمه بالسيف، فاندرج تحت قوله عليه الصلاة والسلام: "إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تتكلم".
قلنا: تعليل دخول النار بمجرد الحرص فلغا ما ذكرتم، وأيضًا مما يشهد لذلك قوله عليه الصلاة والسلام: "الرجال أربعة: رجل أوتي مالا فأنفقه في البر، ورجل قال: لو كان لي مثل مال فلان لفعلت كما فعل، قال: فهما سواء في الأجر، ورجل آتاه الله مالا فأنفقه في الفجور، ورجل قال: لو كان لي مثل مال فلان لفعلت كما (أ) فعل، قال: فهما في الوزر