وقوله: "كل يوم تطلع فيه الشمس" لأن دوام نعمة الأعضاء نعمة أخرى، ولما كان الله عزَّ وجلَّ قادرًا على سلب نعمة الأعضاء عن عبده كل يوم، وهو في ذلك عادل في حكمه كان عفوه عن ذلك وإدامة العافية عليه صدقة توجب الشكر والرعاية، ثم النعمة دائمة فالشكر يجب أن يكون دائمًا.

واعلم أن الصدقة على ضربين: صدقة الأموال: كالزكاة وصدقة التطوع، وصدقة الأفعال: كالذي ذكره في هذا الحديث، ويجمعها عبادة الله عزَّ وجلَّ كالمشي إلى الصلاة ونفع الناس، فمنه العدل بين اثنين تحاكما أو تخاصما سواء كان حاكما أو مصلحا إذا نوى بذلك دفع المنافرة بينهما امتثالا لقوله عزَّ وجلَّ: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} [الحجرات: 10] {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ} [النساء: 135] ونحوه من الأمر بذلك، ومنه إعانة الرجل بحمله أو حمل متاعه على الدابة لأنه نفع له، ومنه الكلمة الطيبة نحو سلام عليك، وحياك الله، وإنك لمحسن، وأنت إن شاء الله عزَّ وجلَّ رجل صالح، ولقد أحسنت جِوَارَنَا أو ضيافتنا ونحو ذلك؛ لأنه مما يَسُرُّ السامع ويجمع القلوب ويؤلفها، ومنه إماطة الأذى عن طريق الناس، أي: إزالته كالشوك المؤذي، والحجر الذي يعثر به، والحيوان المخوف منه، ودعم الجدار المائل ونحوه؛ لأنه نفع عام، وفي الحديث "الإيمان بضع وستون (أ) شعبة أعلاها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق" (?).

ويروى أن رجلًا ممن كان قبلكم رأى غصن شوك في الطريق فقطعه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015