قلت: يحتمل وجهين:
أحدهما: أن ثواب الصبر ضياء ونور في الآخرة.
والثاني: أن أثر الصبر على الطاعات وعن المعاصي نور (أ) القلب واستضاءتُهُ (ب) بالحق، وشاهده في قياس العكس {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [سورة المطففين: 14] أي: أن المعاصي سوَّدت قلوبهم وصيَّرتها مظلمة سوداء، لما ورد أن الشخص إذا أذنب ذنبًا انتكت في قلبه نكتة سوداء، فإذا أذنت الثاني انتكت كذلك، ولا يزال كلما أذنب ذنبا انتكت نكتة إلى أن يسودَّ القلب كله، والعياذ بالله فيصير أسود مظلما.
فهذا معنى ما قلنا من أن المعاصي تُسَودُ القلب.
فإن قلت: لم جعل الصلاة نورا والصبر ضياء، وهل بينهما فرق؟.
قلت: أما الفرق بين النور والضياء فقد قيل: إن الضياء أعظم وأبلغ من النور بدليل قوله عزَّ وجلَّ {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا} [سورة يونس: 5] والشمس أعم وأعظم نورًا من القمر، ولذلك قال الله عزَّ وجلَّ {ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ} [سورة البقرة: 17] ولم يقل بضيائهم لأن نفي الأعم أبلغ.
وأورد على هذا قوله عزَّ وجلَّ {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [سورة النور: 35] ولم يقل ضوءهما ولا ضياءهما {وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ