الناس إما ضيف، أو مضيف فإذا أكرم بعضهم بعضا ائتلفت كلمتهم، ولأن العرب كانوا شديدين العناية (?) بالضيف، فكان في الأمر بإكرامه استجلابهم إلى الإيمان.
واعلم أن الحكم الأول وهو قول الخير أو الصمت عام مخصوص بما لو أكره على قول شر، أو سكوت عن خير، أو نسي، أو خاف على نفسه من قول الخير ونحوه، كمن خاف من إنكار منكر ونحوه لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" (?) وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم" (?) ونحوه من المخصصات.
أما إكرام الجار والضيف فيحتمل تخصيصهما بالجار الفاسق والمبتدع والمؤذي ونحوهم فلا يكرمون، بل يهانون ردعا لهم عن فجورهم، ويحتمل جعلهم من ذوات الجهتين فيكرمون من حيث إنهم جيران، ويهانون من حيث إنهم فُجَّار، كل جهة بما تستحق، ولأن الكافر يرعى حق حواره، فالمسلم على علاته أولى، وكما قيل: "في كل كبد حَرَّى أجر" (?).
وقال بعضهم: حتى الحية والكلب العقور ونحوه يطعم ويسقى إذا اضطر إلى ذلك ثم يقتل. والله أعلم بالصواب.