تحريضا وتهييجا له على الطاعة، لا على أنه بانتفاء طاعته ينتفي أنه ابنه، أو على أن المعنى من كان كامل الإيمان بالله واليوم الآخر فليقل خيرا، أو ليصمت وليكرم، فيكون متوقفا على هذه الأفعال كمال الإيمان لا حقيقته، وكلا التأويلين جيد. ثم في الحديث ثلاثة أحكام:

أحدها: أمر المؤمن بأنه إما أن يقول خيرا أو يسكت، لأن قول الخير غنيمة، والسكوت عن الشر سلامة، وفوات الغنيمة والسلامة ينافي حال المؤمن وما يقتضيه شرف الإيمان، لأن الإيمان مشتق من الأمان، ولا أمان لمن فاتته الغنيمة والسلامة.

وضبط هذا الموضع أن الإنسان إما أن يتكلم، أو يسكت، فإن تكلم فإما بخير وهو ربح، أو بشر فهو خسارة، وإن سكت (أ) فإما عن شر فهو ربح، أو عن خير فهو خسارة، فللإنسان في كلامه وسكوته ربحان ينبغي أن يحصلهما وخسارتان ينبغي أن يتخلص عنهما.

وقد ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - ربح قول الخير والسكوت عن الشر، ونبه على ترك خسارة قول الشر والسكوت عن الخير.

وهذا راجع إلى قوله عزَّ وجلَّ {وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} [الأحزاب: 70]: وقوله - صلى الله عليه وسلم - "أمسك عليك لسانك. . . وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015