وهو عضو صغير الجِرْمِ، ولذلك سماه مضغة ولكنه عظيم الجُرْمِ.

وأما معناه ففيه أبحاث:

الأول: أن قسمة أحكام الأشياء إلى حلال وحرام وما بينهما قسمة صحيحة، لأن كل شيء أو فعل يفرض فإما منصوص على الإذن فيه، وهو الحلال البين، أو على المنع منه وهو الحرام البين، أو لا ينص فيه لا على هذا ولا على هذا، وهو المسكوت عنه، وهو مشتبه بناء على أن الأصل في الأشياء الإباحة أو الحظر، أو ينص فيه عليهما فإن علم آخر النصين فالحكم له من حِلٍّ أو حرمة، والأول منسوخ به ويرجع هذا إلى الحلال أو إلى الحرام، وإن لم يعلم آخر النصين فهو مشتبه أيضًا.

وقد يقع الاشتباه من جهة أخرى وهي أن تكاليف الشرع إما أن تأتي بالتخيير بين الفعل والترك وهو الإباحة، أو باقتضاء الفعل، أو باقتضاء الترك لكن الاقتضاء تارة يُصرَّح فيه بالجزم فيكون إيجابا أو حظرا، وتارة بعدم الجزم فيكون ندبا أو كراهة، وتارة يطلق فلا يُصرح فيه بجزم ولا بعدمه فيبقى مترددًا بين الأمرين الإيجاب والندب، أو الكراهة والحظر، فينشأ الاشتباه من ها هنا.

البحث الثاني: قوله: "لا يعلمهن كثير من الناس" أي: ليست أحكام تلك الشبهات معطلة لا تعلم، بل يعلمها بعض الناس وهم أولوا العلم والنظر في أحكام الشرع، وفيه إشارة إلى فضل العلماء لعلمهم بما لم يعلم غيرهم، وحَلِّهم ما أشكل على غيرهم.

ثم الناس في الشبهات قسمان:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015