ثم إذا أداها بالجماعة، فالفرض منها ماذا؟
المنصوص عليه ها هنا، وهو مذهبه الجديد: أن الفرض هي الأولى، والثانية نقل، لأن الأولى وقعت عن الفرض، واستحال أن تنقلب نفلا بفعلها ثانيا.
وخرج فيه قول آخر: أن الفرض من الصلاتين، إحداهما لا بعينها، يحتسب الله له بأكملهما وأفضلهما، وعلى الطريقتين ينوي إعادة ما صلى أو فعل ما صلى لأنا وإن قلنا: الثانية نفل، فهو يريد أن يكتسب بها فضيلة للفريضة المؤداة، وهي فضيلة الجماعة، فكأن فضيلة الجماعة تلتحق إلى الأول، وبقيت هي نفلا، وفي صلاة المغرب، إن قلنا: الثانية نفل، يضم إليها ركعة أخرى، لأن المستحب في النوافل ألا يسلم عن الثلاث، بل عن الأربع إذا زادت على اثنين، فإذا صلى صلاة في الجماعة، ثم أدرك جماعة أخرى، فلأصحابنا فيه وجهان:
أحدهما: يستحب أن يصليها ليحوز بها زيادة فضيلة.
والثاني: لا يستحب ذلك، والصبح والعصر والمغرب، لأنه لا يستحب التنفل بعد الصبح، والعصر، إذا لم يكن له سبب.
والعلة في المغرب أنه وتر النهار، وفي الظهر والعشاء يستحب، وتكون نافلة إذ التنفل بعدهما سائغ.
قال القاضي: يحتمل أن يقال: إن كانت الجماعة الثانية أوفر، وإمامهم أورع وأهدى لأركان الصلاة وشرائطها، وهيئاتها، يستحب له ان يعيد الصلاة التي صلاها مع الجماعة الأولى، لأنه يكتسب به زيادة فضيلة لم تحصل له في الأولى، وإن كانت الجماعة الثانية مثل الأولى، أو دونهم لا يستحب، والله أعلم.