وروي أن أبا سفيان وأبا جهل كانا يختفيان بأستار الكعبة ويستمعان إلى قراءته، عليه السلام، فانصرفا ليلا، فالتقيا فصدق كل واحد منهما لصاحبه ما قصده فقالا: إن هذا أمر يضرنا، ويؤدي إلى فساد ديننا، فتعاهدا على ألا يرجعا في الليلة الثانية، فلما كانت الليلة الثانية حدثت نفس كل واحد منهما أن صاحبه عهد ألا يرجع فرجعا، فلما انصرفا التقيا، فقالا: ألسنا كنا عهدنا ألا نرجع، لأن هذا أمر لا يتم إلا بإيماننا، فحلف كل واحد منهما لصاحبه ألا يرجع، فلما كان في الليلة الثالثة حدثت نفس كل واحد منهما أن صاحبه حلف ألا يرجع فرجعا، فلما انصرفا التقيا فقالا: إن هذا أمر لا يتم إلا بأن يلازم كل واحد منا صاحبه، فاتفقا على أن يحضر أو سفيان دار أبي جهل في ليلة، ويلازمه وهو في داره.
وبهذا نجيب عن قول الأعمش حيث قال: إن صلاة الصبح من صلاة الليل، بدليل أنه يجهر فيها بالقراءة.
وعندنا يسن الجهر للمنفرد، وكما يسن للإمام.
وعند أبي حنيفة، لا يسن ذلك للمنفرد.
فنقول: هيئة قراءة الإمام هيئة قراءة المنفرد، كالإسرار في صلاة السر، ولا يلزم رفع الصوت بالتكبير، لأنه للإعلام، والمنفرد ليس يحتاج إلى إعلام أحد.
قال المزني: وإذا رفع رأسه من الركعة الثانية من الصبح، وفرغ من قوله: سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد، قال، وهو قائم اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، تباركت ربنا وتعاليت، والجلسة فيها كالجلسة في الرابعة في غيرها.
قال المزني: حدثنا إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن عمرو الغزي، قال حدثنا أبو نعيم، عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أنس بن مالك، قال: ما