ألا ترى أن الإنسان قد يمتنع من قبول المال من غيره، ولا يمتنع من استخدامه وتصريفه حوائجه؛ لأنه تلحقه بقبول المال منه، ولا تلحقه باستخدامه؟
ولهذا لو قلنا: لو بذل المال، وهو معسر زمن، لم يلزمه الحج؛ لأنه يحصل بقبوله منة، فلا يلزمه قبوله.
قيل له: المنة تحصل للأجنبي بعمل البدن، كما تحصل ببذل الإطعام ولا تحصل للولد في واحد منهما.
على أنه يلزمه أن يفرق بين بذل الطاعة في الصوم والصلاة، وبين الإطعام والكسوة بهذا المعنى.
فإن قيل: في قبول الرقبة والإطعام تسبب إلى تملكه ما يجب به العتق والإطعام، وليس على المكفر أن يتسبب إلى ذلك، وليس كذلك في مسألتنا؛ لأنه ليس فيه تسبب إلى تملك ما يجب به الحج؛ لأن الحج يلزم المبذول له الطاعة بنفس البذل من غير قبول، وإنما يحتاج إلى أن يأمر الباذل بأدائه عنه؛ ليصح أداؤه عنه.
قيل له: قد يلزم المكفر أن يتسبب إلى تمليك الرقبة بالشراء إذا كان معه ثمنها.
فإن قيل: ترك قبول الطعام والرقبة لا يؤدي إلى إسقاط الكفارة