(ج) وقد ذكر الله إنزال هذا القرآن منه، قال تعالى: {تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} وقال: {مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ} وكذا آية الشعراء المذكور معناها في المتن وهي قوله: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} أي: هو تنزيل من الله، نزل بواسطة الروح الأمين، وهو ملك الوحي جبريل عليه السلام، المأمون على وحي الله، أنزله على قلب سيد المرسلين، بأن قرأه وهو يسمع ويعقل حتى ثبت في قلبه.
(د) وذهبت المعتزلة إلى أن القرآن مخلوق، خلقه الله في اللوح المحفوظ أو غيره، وأخذه جبريل نقلا من ذلك. وهذا يعتبر تكذيبا لله ورسوله كما في النصوص السابقة، وهو خلاف ما عليه الصحابة والسلف الصالح، وقد تشعبت مذاهب المبتدعة في القرآن، ولهم أقوال لا دليل عليها، ولا طائل تحتها.
(هـ) أما قوله: (منه بدأ وإليه يعود) فالمعنى أنه الذي تكلم به ابتداء، وإليه يرجع في آخر الدنيا، حيث يسرى عليه فينسخ من الصدور، ويمحى من المصاحف، ورفعه من أشراط الساعة، عندما يعرض عن العمل به.