(أ) هذا كلام جليل القدر، يدل على قوة المعرفة بالله، وبدينه، وبحملة الدين، ففيه الأمر بالتمسك بالسنة، واتباع طريق السابقين الأولين، وفيه النهي عن الخوض في الدين بغير علم؛ سواء في العقائد أو في العبادات؛ ومراده بالقوم الصحابة، وعلماء التابعين.
(ب) ووقوفهم: هو تركهم الخوض في المتشابه، ونهيهم عن السؤال والبحث في أمور الغيب بمجرد الظن والتخمين، وقد ابتلي بهذا أهل الكلام حتى صار من أسباب خطئهم وضلالهم، فالصحابة والتابعون وقفوا عن علم، حيث علموا ما في البحث عنها من الخطر وعلموا قصر الإنسان، وضعفه عن إدراك أمور الغيب، وعلموا أنما يهمهم معرفة أمور العبادات والأعمال.
(ج) وقوله: (كفوا) أي: صدوا ومالوا عن الكلام فيما لا يعنيهم، وما حجبوا عنه.
(د) ومراده بالبصر: البصيرة؛ وهي: نظر القلب، والنافذ: الثاقب القاطع للمبصرات، أي: أن السلف كفوا عن الخوض في البدع والكلام، وما لم يطلعهم الله عليه وكان انكفافهم عن بصيرة ويقين، لا عن ظن وتخمين.
(هـ) (ولهم على كشفها) أي: كشف الأمور المبتدعة، كالقدر، والإرجاء، والتعطيل للصفات ونحوها، واللام قبل الضمير موطئة للقسم.