(د) قول: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} هذا مدح لمن جاء بعد السابقين الأولين من هذه الأمة، مقتديا بهم، داعيا لهم، مع نفسه بالمغفرة ونزع الغل، وهو: الحقد في القلب، في الآية الاعتراف بفضل الصحابة، بأنهم إخواننا أي: في الدين، وبسبقهم الذي فاقوا به من بعدهم، وبالشهادة لهم بالإيمان.
قوله: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ} هذا مدح للنبي صلى الله عليه وسلم وصحابته، ووصف لهم بالشدة والقوة على الكفار، وبالرقة والشفقة فيما بينهم، وهذا كقوله تعالى: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} .
والحديث المذكور في الصحيحين عن أبي سعيد وفي ابن ماجه عن أبي هريرة بإسناد صحيح، وسببه أنه كان بين عبد الرحمن بن عوف وخالد بن الوليد شيء، فنال منه خالد فقال صلى الله عليه وسلم «لا تسبوا أصحابي ... » أي: السابقين، فإن عبد الرحمن أسلم قديما قبل الهجرة، وخالدا إنما أسلم سنة ثمان.
فكيف بسب من هو أفضل من عبد الرحمن كالشيخين؟
وكيف بما صدر ممن هو بعد خالد رضي الله عنه؟
ومعنى الحديث: أن الواحد من غير الصحابة لو أنفق في سبيل الله مثل جبل أحد ذهبا ما بلغ من الثواب ثواب من أنفق من الصحابة مدا أو نصيفه، والمد: مكيال معروف، والنصيف: النصف أي: نصف المد، أو نصف أحد الصحابة.