احتجوا بمثل قوله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} وقوله: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} وقد جعلوا للكفرة عذرا، حيث زعموا أن تعذيبهم ظلم وجور من الرب تعالى، حيث عاقبهم على أفعال خلقها فيهم. ولا شك أن هذا إبطال للشرع، وإنكار للحكمة والمصلحة.
ثم هم لا يحتجون بذلك في الأحوال كلها؛ بل يلومون من أساء إليهم، ويؤدبون خدامهم على المخالفة، وإنما يعتذرون بالقدر عند ارتكاب الذنوب، بأن الله لم يهدهم، وأنه الذي أوقعهم في ذلك بخلقه فيهم، ونحو ذلك، وفيهم قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
وعند مراد الله تفنى كميت ... وعند مراد النفس تسدي وتلحم
وعند خلاف الأمر تحتج بالقضا ... ظهيرا على الرحمن للجبر تزعم
(ب) وعند أهل السنة أن الله تعالى لا يظلم أحدا: {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ} وأنه أرسل الرسل، وأنزل الكتب، لتقوم الحجة، وتنقطع المعذرة، كما قال تعالى: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} .
(ج) وللعباد قدرة واستطاعة على الأفعال، بموجبها كلفهم الله بالشرائع، وأمر ونهى، وبحسبها يثيب المطيع، ويعاقب العاصي، وبها