وقوانين جدليّة، وأمور صناعية، مدار أكثرها على آراء سُوفسطائية، أو مناقضات لفظية، ينشأ بسببها على الآخذ فيها شُبَه ربما يعجز عنها، وشكوكٌ يذهب الإيمان معها، وأحسنهم انفصالاً عنها أجدلهم لا أعلمهم، فكم من عالمٍ بفساد الشبهة لا يقوى على حلها، وكم من منفصلٍ عنها لا يدرك حقيقة علمها، ثمَّ إن هؤلاء قد ارتكبوا أنواعاً من المحال لا يرتضيها البُله ولا الأطفال، لما بحثوا عن تحيُّز الجواهر والألوان والأحوال، فأخذوا فيما أمسك عنه السلف الصالح من كيفيات تعلقات صفة الله تعالى ... -إلى أن قال -: ولا فرق بين البحث عن كيفية الذات وكيفية الصفات، ومن توقف في هذا فليعلم أنه إذا كان عجز عن كيفية نفسه مع وجودها، وعن كيفية إدراك ما يدركُ به، فهو عن إدراك غيره أعجز، وغاية علم العالم أن يقطع بوجود فاعل لهذه المصنوعات منزَّهٌ عن الشبيه، مقدس عن النظير، متصف بصفات الكمال، متى ثبت النقل عنه بشيء من أوصافه وأسمائه قبلناه واعتقدناه وسكتنا عما عداه، كما هو طريق السلف، وما عداه لا يأمن صاحبه من الزلل، ويكفي في الردع عن الخوض في طرق المتكلمين ما ثبت عن الأئمة المتقدمين كعمر بن عبد العزيز ومالك بن أنس والشافعي، وقد قطع بعض الأئمة بأن الصحابة لم يخوضوا في الجوهر والعَرَض وما يتعلق بذلك من مباحث المتكلمين، فمن رغب عن طريقهم فكفاه ضلالاً -قال-: وأفضى الكلام بكثير من أهله إلى الشك، وبعضهم إلى الإلحاد، وبعضهم إلى التهاون بوظائف العبادات، وسبب ذلك إعراضهم عن نصوص الشارع، وتطلبُّهم حقائق الأمور من غيره، وليس في قوة العقل ما