إلى داود بن علي بن خلف قال: كنا عند أبي عبد الله ابن الأعرابي - يعني محمد بن زياد اللغوي - فقال له رجل: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} فقال: هو على العرش كما أخبر. فقال: يا أبا عبد الله، إنما معناه استولى. فقال: اسكت، لا يقال استولى على الشيء إلا أن يكون له مضادٌّ. وقال غيره: لوكان بمعنى استولى لم يختص بالعرش لأنه غالبٌ على جميع المخلوقات.
ونقل محيي السنة البغوي في " تفسيره " عن ابن عباس وأكثر المفسرين أن معناه: ارتفع. وقال أبو عبيد والفرَّاء وغيرهما بنحوه.
وأخرج أبو القاسم اللالكائي في " كتاب السنة " من طريق الحسن البصري عن أمِّه عن أمِّ سلمة أنها قالت: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإقرار به إيمان، والجحود به كفر.
وأخرج البيهقي بسندٍ جيد عن الأوزاعي قال: كنا والتابعون متوافرون نقول: إن الله على عرشه، ونؤمن بما وردت به السنة من صفاته. انتهى.
وقال في " شرح الطحاوية ": " روى شيخ الإسلام أبو إسماعيل الأنصاري في كتابه " الفاروق " بسنده إلى مطيع البلخي: أنه سأل أبا حنيفة عمَّن قال: لا أعرف ربي في السماء أم في الأرض! فقال: قد كفر؛ لأن الله يقول: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} وعرشه فوق سبع سمواته. قلت: فإن قال: إنه على العرش، ولكن يقول: لا أدري العرش في السماء أم في الأرض؟ قال: هو كافر؛ لأنه أنكر أنه في السماء، فمن أنكر أنه في السماء فقد كفر.