قوله تعالى: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا} ، وأول الآية {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا} ، قال ابن جرير: يعني بذلك فاعلموا حقيقة ما أخبرتكم من الخبر، فإني جامعكم إلى يوم القيامة للجزاء والعرض والحساب، والثواب والعقاب يقيناً، فلا تَشُكّوا في صحته، ولا تمتروا في حقيقته، فإن قولي الصدق الذي لا كذب فيه، ووعدي الصدق الذي لا خُلْفَ فيه. {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا} ، يقول: وأي ناطقٍ صدق من الله حديثاً، وذلك أن الكاذب إنما يكذب ليجتلب بكذبه إلى نفسه نفعاً، أو يدفع به عنها ضراً، والله تعالى ذكره خالق الضر والنفع، فغير جائز أن يكون منه كذب؛ لأنه لا يدعوه إلى اجتلاب نفع، ولا دفع ضر عن نفسه، أو دفع ضر عنها سواه تعالى ذكره، فيجوز أن يكون له في استحالة الكذب منه نظير، ومن أصدق من الله حديثاً وخبراً.