قوله تعالى: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ} ، وقبلها {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} ، قال ابن جرير: يقول تعالى ذكره: كل من على ظهر الأرض من جن وإنس فإنه هالك، {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} يا محمد {ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ} .
وَقَوْلُهُ: {مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75] . {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَان يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء} [المائدة: 64] .
{ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ} من نعت الوجه، فلذلك رفع {ذُو} . وقد ذكر أنها في قراءة عبد الله بالياء - {ذِي الْجَلالِ وَالإكْرَامِ} - على أنه من نعت الرب وصفته، قال ابن عباس: {ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ} ذو العظمة والكبرياء.
قوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ} أي: كل شيء هالكٌ إلاَّ هو، قال ابن كثير في قوله تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ} يخبر تعالى أن جميع أهل الأرض سيذهبون ويموتون أجمعون، وكذلك أهل السموات إلاَّ من شاء الله، ولا يبقى أحد سوى وجهه الكريم، فإن الرب تعالى وتقدس لا يموت، بل هو الحي الذي لا يموت أبداً.