فإن استحق لإنسان مجانبة جميع ما روى بمخالفته الأقران في بعض ما يروي لاستحقَّ كل مُحدِّثٍ من الأئمة المرضيين أن يُترك حديثه لمخالفتهم أقرانهم في بعض ما رَوَوْا.

فإن قال كان حماد يُخطىءُ.

يقال له وفي الدنيا أحدٌ بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرى عن الخطإ.

ولو جاز ترك حديث من أخطأ لجاز ترك حديث الصحابة والتابعين ومن بعدهم من المحدِّثين لأنهم لم يكونوا بمعصومين.

فإن قال حماد قد كَثُرَ خطؤُه.

قيل له إن الكثرة اسم يشتمل على معانٍ شتى ولا يستحق الإنسان ترك روايته حتى يكون منه من الخطإ ما يغلبُ صوابه فإذا فَحُشَ ذلك منه وغَلَبَ على صوابه استحق مجانبة روايته.

وأما من كَثُرَ خطؤه ولم يغلب على صوابه فهو مقبول الرواية فيما لم يخطىء فيه واستحق مجانبة ما أخطأ فيه ـ فقط ـ مثل شريك وهشيم وأبي بكر بن عياش وأضرابهم ـ كانوا يخطئون فيُكثرون فروى عنهم واحتج بهم في كتابه وحماد واحد من هؤلاء.

فإن قال كان حماد يُدلِّسُ.

يقال له فإن قتادة وأبا إسحاق السبيعي وعبد الملك بن عمير وابن جريج والأعمش والثوري وهشيماً كانوا يدلِّسون واحتججتَ بروايتهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015