Q يقول السائل: إنه سمع في الإذاعة أحد الذين يتكلمون يفسر قول الله عز وجل: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفتح:10] بأن المقصود به القدرة والهيمنة، وأن الذين يفسّرون هذه الآية بأن لله يداً جانبوا الصواب؛ لأنهم يفسّرون الآية بظاهرها، وكيف يقولون في قوله عز وجل: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص:88] يقول: هل يفسّرون ذلك أنه سيهلك ويبقى وجهه إلى آخره؟
صلى الله عليه وسلم هذا جهل مركب، فالذين يثبتون لله اليد هم السلف، وهو القول الحق، فيثبتونها لأنها وردت في الكتاب والسنة ويثبتون ما ذكره من القدرة والهيمنة؛ ولأن اليد وردت كما تعلمون بسياقات كثيرة، منها أنها وردت مثناة ومفردة ووردت بدلالات كثيرة مختلفة فكلها تدل على إثبات الصفة وإثبات ما يلزم منها من القدرة والنعمة والكرم والسخاء إلى آخر ما يلزم من الكمالات، وأن إثبات اليد ليس من الأمور التي هي رأي أو وجهة نظر لبعض الناس، ولا يفسّرون الآية بظاهرها على المعنى الذي يريده هو إذا قصد بظاهرها التشبيه، إنما يفسّرونها بالمعنى الحق.
أما استدلاله بقول الله: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص:88] فإن هذا استدلال ناقص؛ لأن ثبوت الوجه لله عز وجل ثابت في عدة نصوص، وفي هذه الآية، ومعلوم عند العرب أنهم يعبّرون بالوجه عن الكل، فالله عز وجل لا يقال يفنى كله إلا الوجه؛ لأنه لا شك أن المقصود بذلك ذات الله عز وجل، وأن التعبير بالوجه عن الذات أمر معهود تقتضيه اللغة ويقتضيه السياق ومفهوم بالضرورة، فهذا دليل على جهل من قال بمثل هذا الكلام نسأل الله العافية.