Q ما هو الراجح في صفة الهرولة ونحوها؛ لكي لا يجد أهل البدع على أهل السنة مستمسكاً؟
صلى الله عليه وسلم بعض الذين أثبتوا هذه الصفات قالوا: إننا لابد أن نعمم القاعدة بأن كل ما أخبر الله به عن نفسه فلا بد من إثباته وأنه صفة، ويدخل في ذلك الملل: (إن الله لا يمل حتى تملوا) كما ورد في حديث صحيح، والهرولة كما في هذا الحديث، والمشي، والاستهزاء والمكر ونحو ذلك وهذه النصوص لها ما يميزها عن باقي الصفات، وهي أنها كلها جاءت من باب مشاكلة أفعال العباد، ففيها مجانسة ومشاكلة وفيها مجازاة، وغالب النصوص التي تربط الخبر عن الله عز وجل بشيء من عالم الشهادة وأحوال المخلوقين تقيد بهذا التفسير، فمثلاً نحن نعلم أن الاستهزاء جاء ذكره مقابل وعيد المنافقين بأن الله عز وجل سيفعل لهم ما يجازيهم على استهزائهم في الآخرة، أي: بفعل حاصل من المخلوق، وقرن بمعنى معلوم لدى المخاطبين وهو أن هذه المجازاة ستكون من جنس العمل، فرُبط الحال بحال المخلوق.
كذلك الهرولة نحن نعلم أنها جاءت مقابل المشي إلى الله عز وجل، ونحن نعلم أن عبادة الله لا تكون بمشي فعلي إليه، إنما يكون المشي على منهجه والسير على الطريق الحق، فإذا كان المشي لا يقصد به المشي الفعلي من العبد فكذلك الهرولة لا يقصد بها الهرولة الفعلية من الله لوجود القرينة المعلومة.
أما بقية الصفات فليس عندنا قرينة معلومة، فلما وجدت القرينة المعلومة فسّرنا النص بمعناه الذي جاء به، أما الأمور التي هي غيبية بحتة فلا نفسرها إلا كما جاءت.
فمن هنا أثبت بعض السلف هذه الأمور على أنها صفات.
وبعضهم قال: إنها أفعال مطلقة وليست من باب الصفات الذاتية أو الفعلية.
وبعضهم قال: أفعال، وهي صفات فعلية.
وبعضهم قال: هذا مجرد خبر نمره كما جاء لأنه يُشكل، وأي أمر يُشكل نمره كما جاء، أما بقية الصفات الأخرى فلا تشكل؛ لأنها تثبت على قاعدة (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير).
فإذاً: ربط فعل الله بفعل العبد جعل بعض أهل العلم يقول: إن هذا الربط قصد به معنى معلوم عند المخاطب وهو المشاكلة أو المجازاة، ومع ذلك تبقى المسألة خلافية لا حرج فيها.