إثبات النزول لله تعالى

وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله تبارك وتعالى ينزل إلى سماء الدنيا)، هذا حق، والنزول لله سبحانه نزول حقيقي؛ لأن الله لا يخبرنا إلا بالحق ولا يتكلم عن نفسه ولا عن غيره إلا بالحق، فيلزم إثبات ذلك على معناه اللائق بجلال الله، والنزول يستلزم الكمال لله عز وجل ولا يستلزم معاني النقص، فإذا كان للنزول لوازم تشعر بالنقص فهي منفية قطعاً، ولا يجوز العدول عن إثبات صفة النزول لمجرد وجود لوازم؛ لأن اللوازم إنما هي مأخوذة من واقع تصورات البشر، وهي لا تحكم في صفات الله عز وجل في شيء.

والتكلم في لوازم صفة النزول التي يرى أهل التأويل أنها لوازم باطلة مثل قولهم يلزم من النزول الحركة، نقول: كلمة الحركة كلمة مجملة تشتمل على معنى حق يثبت به الكمال، وعلى معنى باطل لا يليق بالله عز وجل.

ثم يقولون: يلزم من النزول إخلاء مكان وشغور مكان آخر، أقول: إذا كان هذا يلزم في حق المخلوق فلأن المخلوق محدود محكوم ناقص والله عز وجل منزه عن هذه الأمور، فاللوازم التي قلتم بها وأولتم النزول لوازم باطلة.

قد يقولون: إننا نفهم من السياق أن الله عز وجل ينزل الرحمة، نقول: نعم، من لوازم نزول الله عز وجل الرحمة بالعباد، لكن لا يعني قصر الصفة على لازمها، فإنا نعرف أن كثيراً من الصفات لها لوازم إيجابية وهي كمال وأنها تثبت لله عز وجل من الكمالات؛ لكن لا يعدل إليها عن إثبات الصفة، فالصفة تثبت لله عز وجل كما جاءت في القرآن وكما ثبتت عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن التشبيه والتمثيل منفي، وأن هذه الصفات تشتمل على معان صحيحة نثبتها، لكنا لا نحمل الصفة على بعض معانيها وبعض لوازمها.

وكذلك قوله: (ينزل يوم عرفة) و (ينزل يوم القيامة) و (جهنم لا يزال يطرح فيها حتى يضع عليها قدمه) هذا فيه إثبات القدم لله عز وجل على ما يليق بجلاله من غير معرفة للكيفية ولا تحكم بها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015