قال رحمه الله تعالى: [ولا يخرج أحد من أهل القبلة من الإسلام حتى يرد آية من كتاب الله عز وجل أو يرد شيئاً من آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو يذبح لغير الله أو يصلي لغير الله، وإذا فعل شيئاً من ذلك فقد وجب عليك أن تخرجه من الإسلام، وإذا لم يفعل شيئاً من ذلك فهو مؤمن مسلم بالاسم لا بالحقيقة].
هذه الفقرة مهمة، فقوله: (ولا يخرج أحد من أهل القبلة من الإسلام حتى يرد آية من كتاب الله عز وجل)، يعني: يرد آية أو مقتضى آية؛ لأن الآية لها حقيقة ولها تفسير، فمن أنكر نص آية حتى لو لم ينكر معانيها فهو كافر؛ وأيضاً إذا أنكر معانيها المعلومة بالضرورة وما يترتب عليها من عقائد وأحكام فقد أنكر الآية وإن لم ينكر لفظها.
إذاً: هذا الإنكار يشمل إنكار لفظ الآية وإنكار المعنى المقطوع به، فكل من أنكر شيئاً من ضرورات الدين ومن أصول الدين القطعية فإنه يخرج من مسمى المسلمين ومن أهل القبلة.
ثم ذكر الذبح والصلاة لغير الله عز وجل، والذبح لغير الله لم يكن معروفاً قبل عصر المؤلف لكنه وجد في عصره من غلاة ومبتدعة الصوفية والرافضة والباطنية، ففي آخر القرن الثالث وأول القرن الرابع بدأت البدع المغلظة تظهر على أيدي غلاة المتصوفة والمبتدعة والرافضة والباطنية، فوجد الذبح لغير الله، فلذلك ذكر هذا النموذج، مع أننا لو قرأنا كتب السلف في القرن الأول وأول القرن الثاني لم نجد الكلام في هذه الأمور؛ لأنها لا يمارسها الناس.
وهذا فيه إشارة مهمة إلى منهج ضروري من مناهج الدين، وهو أنه بقدر ما تشيع البدع يجب الكلام عنه، وهذا فيه رد على بعض الذين يضيقون على طلاب العلم والدعاة وغيرهم إذا تحدثوا عن بعض الظواهر المعاصرة، فيقولون: هذا لم يتحدث عنه السلف، ونحن نجزم أن كثيراً من الظواهر المعاصرة في البدع والمعاصي والفسوق والفجور والكبائر والشركيات التي استجدت لو وجدت في عهد السلف لتكلموا عنها، وهذا من ضرورات بيان الدين وحماية الأمة.
وإذا لم يفعل شيئاً من ذلك فهو مؤمن مسلم يعني: وإن ابتدع بدعة غير مغلظة أو غير شركية أو غير كفرية، وإن ارتكب المعاصي والآثام فهو مؤمن مسلم بالاسم لا بالحقيقة يعني: نشهد له ظاهراً، أما الحقيقة الغيبية فمما لا يعلمه إلا الله عز وجل.