الإيمان قول وعمل يزيد وينقص

قال رحمه الله تعالى: [والإيمان بأن الإيمان قول وعمل، وعمل وقول ونية وإصابة، يزيد وينقص، يزيد ما شاء الله، وينقص حتى لا يبقى منه شيء].

يبدو لي أن هذا من باب تنويع العبارة لتأكيدها قوله: (الإيمان بأن الإيمان قول) المقصود به قول القلب وقول اللسان، فاللسان معبر عن القلب.

(وعمل) يعني: عمل القلب وعمل الجوارح لا عمل الجوارح فقط؛ فعمل القلب هو المتمثل بالمحبة والرجاء والخوف واليقين والإنابة والتوكل، هذه كلها تسمى أعمال القلوب، فدخلت في العمل، وهي تزيد وتنقص، وكذلك عمل الجوارح يسمى عملاً، وأعمال الجوارح تزيد وتنقص، فيبدو لي أن التقديم والتأخير هنا لإحكام المسألة.

ثم قال بعد ذلك: و (نية) والمقصود بالنية الإخلاص، لأن النية هنا موجهة إلى العمل المطلوب، والصحيح أن: (لكل امرئ ما نوى)، فمن نوى وجه الله عز وجل فله ذلك، ومن نوى غير وجه الله خسر دينه وإن كسب ما ينويه من أمور الدنيا، لكن المقصود هنا النية الخالصة، وذلك أن الإيمان لا يصح إلا بالإخلاص، فكما أنه قول وعمل فهو كذلك إخلاص لله عز وجل.

قوله: (وإصابة) أي: موافقة للسنة، وهي أيضاً من شرائط صحة الإيمان.

ثم قال: (يزيد وينقص) أي: كل ذلك يزيد وينقص قول القلب عمل القلب وعمل الجوارح، فالزيادة والنقصان تشمل جميع هذه الأقوال.

كذلك النية، النية قد تكون خالصة وقد تكون مشوبة، فالنية الخالصة يزيد بها الإيمان والنية المشوبة ينقص بها الإيمان، وكذلك الإصابة الكاملة يكمل بها الإيمان، والإصابة المشوبة التي فيها شيء من الجهل أو نحو ذلك، أو الإصابة التي تكون خاطئة لكنها عن اجتهاد قد ينقص بها الإيمان، وليس كمالها ككمال الإصابة الكاملة.

إذاً: كل هذه الأمور تعتبر من الإيمان، وكل ذلك يزيد ما شاء الله، وينقص حتى لا يبقى منه شيء، فيزيد بقدر ما يسدد الله العبد من أعمال الآخرة والنيات والصدق والإخلاص في الأعمال الظاهرة.

قوله: (وينقص) أي: الإيمان (حتى لا يبقى منه شيء) أي: في حالة ما إذا خرج الإنسان من الإيمان بالكلية نسأل الله العافية، وهي الردة أو النفاق الخالص أو الشرك، فهذه لا يبقى معها من الإيمان شيء.

وكذلك قد لا يبقى من أثر الإيمان شيء في لحظات كما فسره بعض السلف في حديث: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن)، قال بعضهم: لا يبقى عنده من الإيمان شيء إلا الأصل، لكن ثمرة الإيمان تنمحي في ذلك الوقت من المؤمن.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015