قال رحمه الله تعالى: [قال طعمة بن عمرو وسفيان بن عيينة: من وقف عند عثمان وعلي فهو شيعي لا يُعدّل ولا يكلم ولا يجالس، ومن قدّم علياً على عثمان فهو رافضي قد رفض آثار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن قدّم الثلاثة على جماعتهم وترحم على الباقين، وكف عن زللهم فهو على طريق الاستقامة والهدى في هذا الباب].
قوله: (من وقف عند عثمان وعلي)، عبارة محتملة لعدة أمور، لكن حين قال فهو شيعي فكأنه يقصد من توقف في فضل عثمان على علي؛ لأنه قال: (لا يُعدّل ولا يكلم)، ثم ذكر كلاماً آخر وهو: (من قدّم علياً على عثمان)، وهذا هو التشيع التفضيلي، فقوله فيه: (فهو رافضي)، فيه نظر؛ لأن الرافضي هو الذي يسب أبا بكر وعمر، والشيعي هو الذي يفضّل علياً على عثمان، هذه قاعدة عليها جمهور السلف.
فالرافضي هو الذي يسب أبا بكر وعمر، ومن البديهي أن من سب أبا بكر وعمر سيسب بقية الصحابة، وهم لا يدينون ولا يعترفون بالفضل إلا لثلاثة، وبعضهم يرفعهم إلى خمسة، وبعضهم إلى سبعة من الصحابة: علي رضي الله عنه والحسن والحسين، وسلمان الفارسي والمقداد بن الأسود وعمار بن ياسر، وأبو ذر.
والمهم أن كلام الشيخ في هذه الفقرة فيه اضطراب ولا أدري ما سبب هذا الاضطراب، هل هو خلل في الأصول أو عند الشيخ وهم؟ الله أعلم.
قوله: (ومن قدّم الثلاثة على جماعتهم وترحم على الباقين، وكف عن زللهم فهو على طريق الاستقامة).
يقصد من قدّم أبا بكر وعمر وعثمان، ولا يعني ذلك أن يقدح في علي، لكن كما قلت لكم في وقت سابق وكما ذكر المحققون من أهل العلم: أنه لما كثر كلام الناس في تفضيل علي على عثمان، وفي الثلاثة ومن هم أفضل؟ وهل علي يدخل في الخلفاء الراشدين أو لا يدخل؟ استقر مذهب السلف على التالي: أولاً: النصوص التي وردت في الفضل أكثر ما وردت في أبي بكر رضي الله عنه وحده، ثم في عمر وحده، ثم في أبي بكر وعمر، ثم ذكر عثمان مع الشيخين أبي بكر وعمر ثم ذكر الأربعة، فبعض السلف نظراً لكثرة النصوص التي تجمع بين الثلاثة على لسان النبي صلى الله عليه وسلم أو على لسان الصحابة، حين كانوا كثيراً ما يقرنون أفعال النبي صلى الله عليه وسلم وأحواله وأقواله بالثلاثة أبي بكر وعمر وعثمان فوقفوا عند الثلاثة لا للغض من قدر علي رضي الله عنه؛ لكن للوقوف على قدر معين من النصوص، وترحموا على الباقين.
وفي بعض النسخ: (الأربعة)، وهذا جيد لا بأس، ولكن كلمة (الثلاثة) واردة على لسان السلف وليست غلطاً.