قال رحمه الله تعالى: [فمن قدم أبا بكر وعمر وعثمان وعلياً على جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يتكلم في الباقين إلا بخير ودعا لهم، فقد خرج من التشيع أوله وآخره، ومن قال: الإيمان قول وعمل يزيد وينقص فقد خرج من الإرجاء أوله وآخره، ومن قال: الصلاة خلف كل بر وفاجر، والجهاد مع كل خليفة ولم ير الخروج على السلطان بالسيف، ودعا لهم بالصلاح فقد خرج من قول الخوارج أوله وآخره، ومن قال: المقادير كلها من الله عز وجل خيرها وشرها يُضل من يشاء ويهدي من يشاء، فقد خرج من قول القدرية أوله وآخره، وهو صاحب سنة].
هذه الضوابط صحيحة نقية واضحة جداً، ذكر فيها أبرز سمات أهم الفرق في ذلك الوقت، وإلى اليوم نستطيع أن نقول بمثل قوله، بمعنى أن من قدّم أبا بكر وعمر وعثمان وعلياً على جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو صاحب سنة، وقد برئ من التشيع، وكذلك من قال الإيمان قول وعمل يزيد وينقص فقد برئ من الإرجاء المذموم، وهكذا بقية الأصول، ويمكن أن نضيف إليها أصلاً واحد ينتظم جميع أصول الفرق في القرون الثلاثة الفاضلة، وهو: من أثبت لله عز وجل ما أثبته لنفسه وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تمثيل، ونفى ما نفاه الله عن نفسه، وما نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تأويل ولا تعطيل، فقد برئ من التجهم أوله وآخره، ثم نستطيع أيضاً أن ندرج قواعد تخرج الصوفية، وقواعد تخرج الفلاسفة، وقواعد تخرج بعض الفرق التي ظهرت بعد ذلك.