سبب التحذير من المبتدع أشد منه من العاصي الفاجر

هذا الكلام في أصله صحيح، لكن في تفصيلاته مبالغة، وربما قصد الشيخ معنى آخر فخانته العبارة فهو بشر، وكان الصواب أن يقول: إذا رأيت الرجل من أهل السنة فاحمد له ذلك، وإن كان واقعاً في المعاصي والفجور فاكره فيه معاصيه وفجوره وتجنبه للمعصية وللفجور، لكن لا تتبرأ منه كتبرئك من صاحب البدعة، فإن صاحب البدعة انطوى على البدعة، أما هذا العاصي فإنه يرجى له التوبة والمعصية، وهو أقل خطراً على الإنسان في دينه وعقيدته من البدعة! ومن هنا يكون التعامل مع صاحب البدعة أكثر حذراً وأشد ذنباً من التعامل مع صاحب الذنب والمعصية؛ لأن صاحب الذنب والمعصية إذا لم تظهر منه بدعة فالأصل بقاؤه على السنة والعقيدة السليمة، لكنه غالباً يدري أنه على معصية فيرجى له يوماً أن يتوب.

ثم إن أثر المعصية في انتقالها إلى الشخص الآخر أخف وأقل احتمالاً من أثر البدعة، لأن البدعة فيها تلبيس وتدخل على الإنسان من حيث لا يشعر، وفاعلها يفعلها وهو يظن أنه على حق، أما الفاجر الفاسق فإن فجوره ظاهر ينفر منه الطبع والعقل السليم وينهى عنه الشرع، وكل إنسان مهما كان ينبذ الفجور، فلذلك تكون عنده حصانة ذاتية من الفجور؛ لأنه ممقوت بالطبع عند أهله وعند الناس.

وتستطيع أن تميز بوضوح خطأ الفجور والفسق، لكن لا تميّز خطأ البدعة، فمن هنا كانت مصاحبة صاحب البدعة لا تجوز؛ لأنه ربما يحسنها لك حتى تظن أنها الحق والسنة، ومصاحبة صاحب الفجور إثم رغم أن فجوره واضح لكن ليس كإثم مصاحبة صاحب البدعة لهذه الاعتبارات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015