إذاً فإذا سمعت من يطلق على المسلم المستقيم أنه مشبّه فاعلم أن هذا الذي أطلق التشبيه على المسلم عنده نزعة تجهّم؛ لأن المشبهة انقطعت ولم تعد موجودة الآن، ولأن التشبيه أمر بيّن لا يمكن ألا يعلم به إلا مثل هذا الشخص الذي يلمز الناس ويغمزهم ويشير إليهم بأصابع الاتهام، وهو صاحب الهوى.
إذاً فمن أطلق هذه الكلمة على أخيه المسلم فينبغي أن تتثبت من حاله، فالغالب أنه جهمي أو معتزلي أو مؤول، وهذه كلها يشملها مسمى جهمي كما ذكرت في دروس سابقة، وهو منهج السلف في الآونة الأخيرة، فإنهم يسمون كل من أوّل وعطّل، وكل من لمز السلف أو عاب منهجهم، أو تكلم في الصفات، أو قرر الدين بغير مناهج السلف جهمياً، وهذه هي التسمية الحقيقية؛ لأن كل أصول الفرق ترجع إلى منهج الجهمية السابقة لها واللاحقة، فعلى هذا كل من وصف مسلماً بأنه مشبّه فهو جهمي إلا إذا ثبت أنه مشبه فعلاً وهذا نادر، والنادر لا حكم له.