قال رحمه الله تعالى: [وإذا رأيت الرجل يتعاهد الفرائض في جماعة مع السلطان وغيره، فاعلم أنه صاحب سنة إن شاء الله تعالى، وإذا رأيت الرجل يتهاون بالفرائض في جماعة وإن كان مع السلطان فاعلم أنه صاحب هوى].
هذه من شعائر الدين ومن علامات السنة الظاهرة التي تميز أهل السنة وأهل الحق عمن سواهم من أهل الأهواء والبدع والافتراء، وأصحاب النزعات الفردية أو النزعات الجماعية الذين خالفوا السنة والجماعة، ذلك أن أكبر برهان ظاهر على التزام السنة الذي أمر الله به وأمر به رسوله صلى الله عليه وسلم هو التزام جماعة المسلمين في الصلاة، لأنها هي المظهر الأول والبيّن الذي يتكرر في حياة المسلم ويتميّز به عن غيره، فيتعاهد الفرائض في جماعة مع السلطان، يعني مع ولي الأمر أو من ينيبه ولي الأمر، لأن أئمة المساجد يقومون بإمامة المساجد بتعيين الولاية لهم أو برضا الجماعة عنهم، فيكون هذا الأمر حاصلاً في حق الإمام الأكبر أو فيمن ينوّبهم من أئمة المساجد وفي كل جماعة تقوم لها صفة الجماعة وإن قلّت في الحي، وفي العمل، وفي السفر أو الحضر، فالمهم أن شعار المسلم المستمسك بالسنة الحفاظ على جماعة المسجد، والجماعة في مصالح الأمة الأخرى أيضاً، لكن كما قلت: الفرائض هي أكبر شعار يتبين به من يلتزم الجماعة ومن لا يلتزم.
إذاً: فالذي يلتزم الجماعة ويواظب عليها يكون ظاهره من أهل السنة ما لم يكن هناك قرائن أخرى تصرفه عن ذلك، وكذلك العكس، إذا كان هناك رجل يتهاون بالصلاة ولا يحضر الجماعة فهو مغموز في دينه، فهو إما صاحب هوى يقدح في الجماعة ويشذ عنها بهواه وببدعته، وإما أن يكون ممن غُمز بالفسق والفجور والتهاون في دين الله عز وجل.
قال: (وإن كان مع السلطان)، بمعنى أنه إذا ترك الجماعة وإن كان مبايعاً للسلطان يسمع ويطيع، أو وإن كان من أعوان السلطان وحاشيته فإنه إذا ترك الجماعة فإن هذه علامة سوء ومغمز يغمز به ويعتبر ممن أخطأ في حق الجماعة ووقع في المحذور الشرعي.