قال رحمه الله تعالى: [وإذا سمعت الرجل يطعن على الآثار أو يرد الآثار أو يريد غير الآثار فاتهمه على الإسلام، ولا تشك أنه صاحب هوى مبتدع].
هذا حق، والمقصود بالآثار النصوص الشرعية وما ورد عن السلف من مناهج الدين وأصول الاعتقاد والاجتهادات والتطبيقات وغيرها.
فكل ما نقل عن السلف من هديهم في القول والعلم والسلوك والمناهج، بما في ذلك مناهج تلقي الدين وطرق الاستدلال ومصادره، وبما في ذلك تناول قضايا الاعتقاد وأصول الدين، ومناهجهم في الاجتهاد وحفظ آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فمن طعن على الآثار فقد طعن على أهلها، وأهلها هم أهل السنة والجماعة، وهم المؤمنون الذين توعد الله من خالف سبيلهم؛ لأن من طعن على الآثار فقد طعن على رواتها وطعن على الدين نفسه؛ لأن الدين إنما نقله الله إلينا من خلال العدول الثقات الذين ورثوه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم العلماء الذين بهم يبقى الدين محفوظاً إلى قيام الساعة، فإن الطعن على الآثار طعن في الدين نفسه، وكذلك رد الآثار يدخل في الطعن فيها، بل هو أشد.
فالطعن على الآثار من مثل فرق المرجئة وأهل الكلام المتأخرين، أما رد الآثار فقد حدث من الخوارج وبعض المعتزلة، وحدث من الجهمية والرافضة والباطنية.
قوله: (فمن أراد غير الآثار) يعني: تلقى الدين من غير مصادره الصحيحة كما مر (فهو متهم على الإسلام، ولا تشك أنه صاحب هوى مبتدع) سواء علم أو لم يعلم؛ لأن كثيراً من أصحاب الأهواء يقعون في الهوى بسبب تفريطهم في دين الله عز وجل وهم يظنون أنهم يحسنون صنعاً، لكنهم أثموا من حيث إنهم تركوا الاتباع وتركوا الاقتداء بمن يجب القدوة بهم وهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم الصحابة والتابعون.