هذه الفقرة تتعلق بزلة العالم، فالخروج عن طريق الحق والسنة في الاستقراء لا يعدو أن يكون على أحد هذين الطريقين: إما أن يكون الخروج عن السنة والجماعة والوقوع في البدعة بسبب اجتهاد عالم زل أو طالب علم زل يظن أنه على حق، أراد الخير لكن لم يصبه، فهذا يعبر عنه بزلة العالم، فلا يتابع في زلته، وإن كانت قد لا تقدح في دينه وذمته، ولا تنقص من قدره وعلمه، وكم وقع كبار من الأئمة قديماً وحديثاً في زلات، لكن الله عز وجل قيض للحق من ينصره ويبينه وينفي عن الدين هذه الزلة، فيتضح أنها كبوة من عالم، وهذه الكبوة لا يتابع عليها، وهذا كثير سبق ضرب الأمثلة عليه، مثلما حدث من بعض الذين قالوا بالقدر، وبعض الذين قالوا بالإرجاء كـ أبي حنيفة وشيخه حماد وغيره، فهؤلاء أئمة كبار يعترف لهم بالفضل والسبق والدين والعلم، لكنهم في هذه المسألة زلوا عن طريق الحق فوقعوا في البدعة، فصاروا فتنة للآخرين، فما افتتنت المرجئة بالإرجاء إلا لأنه قال به أبو حنيفة وشيخه وبعض تلاميذه، ففتن عدد كبير من الفقهاء، بل مذهب من المذاهب الفقهية الأربعة التي تنسب إلى السنة، وقع سائر أهلها في الإرجاء؛ وهم الأحناف؛ لأنهم فتنوا بزلة العالم، وظنوا أنه لما كان إماماً من أئمة السنة فإنه معصوم، وهذا غلط، والصواب أن يوزن كلامه بميزان الكتاب والسنة.