ثم ذكر الأصل الثالث قال: (واستحلوا السيف على أمة محمد صلى الله عليه وسلم).
واستحلال السيف على الأمة سمة عامة للمبتدعة، وهو الخروج على الولاة، والخروج عن جماعة المسلمين، واستحلال دماء المخالفين، لكن هذه السمة تتفاوت بينهم من مقل أو مكثر، فمنهم من هو صريح يُعلن ذلك ويرفعه كالخوارج، ومنهم من هو جبان منافق كالرافضة، فيرون أن ذلك لا يُعلن إلا إذا ظهر إمامهم الموهوم الخرافة.
ولعل من حظ المسلمين أن الرافضة يعلقون خروجهم على المسلمين بظهور هذه الخرافة التي ينتظرونها، ونعلم أنه لن يظهر إلا إن كان على صورة الدجال، ولا أستبعد أنهم إذا ظهر الدجال يعتقدون أنه مهديهم؛ لأنا نعرف أن عامة أهل البدع والأهواء يفتنون بـ الدجال وأولهم الرافضة، ويخرج من بلادهم أيضاً.
فعلى هذا يظهر أن السلف أجمعوا واتفقوا على أن من سمات أهل الأهواء والجهمية استحلال السيف، ومن استحل السيف على الأمة سواء فعل أو لم يفعل فهو كافر؛ لأن بعض الناس يظن أن استحلال السيف هو رفعه! وليس كذلك، بل المعنى أنهم يستبيحون قتل المسلمين لو تمكنوا، لكن ليس منهم من فعل ذلك إلا الخوارج، وكذلك المعتزلة حينما تمكنت في عهد المأمون.
والدليل على استحلالهم السيف أنهم استحلوا دماء الناس حتى الأئمة، كان ابن أبي دؤاد رأس الجهمية في ذلك الوقت يحرّض أحد الولاة ولا أدري هل هو المأمون أو الواثق أو المعتصم على الإمام أحمد في أثناء المناظرة ويقول: اقتله ودمه في ذمتي، فهذا من استحلال السيف، أما الإمام أحمد فما قال هذه الكلمة، ولا حرّض على الجهمية وقد عايش غلاتهم الذين أعلنوا الزندقة.