ثم ذكر مسألة سبق العلم لله عز وجل، وأن الله علم أن أهل المعاصي يعصونه قبل أن يخلقهم، وهذا فيه رد على القدرية الذين يقولون: لا قدر والأمر أنف، فإن القدرية الأولى تنفي العلم السابق لله عز وجل فيما يتعلق بأفعال الشر التي يفعلها العباد، ويزعمون أنهم عملوها دون أن يقدرها الله عز وجل ودون أن يعلمها، ثم بعد ذلك أثبتوا العلم ونفوا التقدير في مراحل تالية من مراحل تطور القدرية، فهو بهذا يرد على القدرية الأولى.
ثم قال: (علمه نافذ فيهم، فلم يمنعه علمه فيهم أن هداهم للإسلام ومن به عليهم كرماً وجوداً وتفضلاً).
يشير بهذا إلى أن الله عز وجل حينما قدر الهداية للمهتدين فذلك لسابق علمه بأنهم سيسلكون طريق المهتدين، وكذلك العكس؛ فإن الله عز وجل حينما قدر الشقاوة على أهل الشقاوة فإن ذلك راجع إلى علمه عز وجل السابق بما هم فاعلون، فقدر مصائرهم بنتائج أعمالهم التي يعلم أنهم سيعملونها.